فصل: من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة الصف فِيهَا آيَتَانِ:
الْآيَةُ الْأُولَى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقولونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}. فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
المسألة الْأُولَى:
رَوَى أَبُو مُوسَى فِي الصَّحِيحِ أَنَّ سُورَةً كَانَتْ عَلَى قَدْرِهَا، أَوَّلُهَا: {سَبَّحَ لِلَّهِ}، كَانَ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقولونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} سَتُكْتَبُ شَهَادَةٌ فِي أَعْنَاقِهِمْ فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ ثَابِتٌ فِي الدِّينِ.
أَمَّا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقولونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} فَثَابِتٌ فِي الدِّينِ لَفْظًا وَمَعْنًى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا تَلَوْنَاهُ آنِفًا فِيهَا.
وَأَمَّا قولهُ: فَتُكْتَبُ شَهَادَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَعْنًى ثَابِتٌ فِي الدِّينِ لَفْظًا وَمَعْنًى؛ فَإِنَّ مَنْ الْتَزَمَ شَيْئًا لَزِمَهُ شَرْعًا، وَهِيَ:
المسألة الثَّانِيَةُ:
وَالْمُلْتَزَمُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا النَّذْرُ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: نَذْرِ تَقَرُّبٍ مُبْتَدَأ؛ كَقولهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَصَلَاةٌ وَصَدَقَةٌ، وَنَحْوُهُ مِنْ الْقُرَبِ؛ فَهَذَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا.
وَنَذْرِ مُبَاحٍ؛ وَهُوَ مَا عُلِّقَ بِشَرْطِ رَغْبَةٍ كَقولهِ: إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ، أَوْ عُلِّقَ بِشَرْطِ رَهْبَةٍ، كَقولهِ: إنْ كَفَانِي اللَّهُ شَرَّ كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ، فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ؛ فَقال مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ.
وَقال الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ.
وَعُمُومُ الْآيَةِ حُجَّةٌ لَنَا؛ لِأَنَّهَا بِمُطْلَقِهَا تَتَضَمَّنُ ذَمَّ مَنْ قال مَا لَا يَفْعَلُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، مِنْ مُطْلَقٍ، أَوْ مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ.
وَقَدْ قال أَصْحَابُهُ: إنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ بِمَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْقُرْبَةُ مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْقُرْبَةِ.
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقُرْبَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ،
وَإِنَّمَا قَصَدَ مَنْعَ نَفْسِهِ عَنْ فِعْلٍ أَوْ الْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلٍ.
قُلْنَا: الْقُرَبُ الشَّرْعِيَّةُ مُقْتَضَيَاتٌ وَكُلَفٌ وَإِنْ كَانَتْ قُرُبَاتٍ.
وَهَذَا تَكَلَّفَ فِي الْتِزَامِ هَذِهِ الْقُرْبَةِ مَشَقَّةً لِجَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ، فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ سُنَنِ التَّكْلِيفِ، وَلَا زَالَ عَنْ قَصْدِ التَّقَرُّبِ.
المسألة الثَّالِثَةُ:
فَإِنْ كَانَ الْمَقول مِنْهُ وَعْدًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنُوطًا بِسَبَبٍ؛ كَقولهِ: إنْ تَزَوَّجْتَ أَعَنْتُك بِدِينَارٍ، أَوْ ابْتَعْت حَاجَةَ كَذَا أَعْطَيْتُك كَذَا؛ فَهَذَا لَازِمٌ إجْمَاعًا مِنْ الْفُقَهَاءِ.
وَإِنْ كَانَ وَعْدًا مُجَرَّدًا فَقِيلَ: يَلْزَمُ بِمُطْلَقِهِ؛ وَتَعَلَّقُوا بِسَبَبِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقولونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلَ أَوْ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ. وَهُوَ حديث لَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ لَمَّا سَمِعَهَا قال: لَا أَزَالُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الْوَعْدَ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا لِعُذْرٍ.
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
المسألة الْأُولَى:
قولهُ: {مَرْصُوصٌ}، أَيْ مُحْكَمٌ ثَابِتٌ، كَأَنَّهُ عُقِدَ بِالرَّصَاصِ، وَكَثِيرًا مَا تُعْقَدُ بِهِ الْأَبْنِيَةُ الْقَدِيمَةُ، عَايَنَتْ مِنْهَا بِمِحْرَابِ دَاوُد عَلَيْهِ السلام وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ.
وَيُقال: حديث مَرْسُوسٌ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سِيقَ سِيَاقَةً مُحْكَمَةً مُرَتَّبَةً.
المسألة الثَّانِيَةُ:
قوله تعالى: {يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا}؛ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْأَمَدِ أَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ إرَادَةُ الثَّوَابِ لِلْعَبْدِ.
المسألة الثَّالِثَةُ:
فِي إحْكَامِ الصُّفُوفِ جَمَالٌ لِلصَّلَاةِ، وَحِكَايَةٌ لِلْمَلَائِكَةِ، وَهَيْئَةٌ لِلْقِتَالِ، وَمَنْفَعَةٌ فِي أَنْ تُحْمَلَ الصُّفُوفُ عَلَى الْعَدُوِّ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الْخُرُوجُ مِنْ الصَّفِّ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ، أَوْ فِي رِسَالَةٍ يُرْسِلُهَا الْإِمَامُ، وَمَنْفَعَةٍ تَظْهَرُ فِي الْمَقَامِ، كَفُرْصَةٍ تُنْتَهَزُ وَلَا خِلَافَ فِيهَا، أَوْ بِتَظَاهُرٍ عَلَى التَّبَرُّزِ لِلْمُبَارَزَةِ.
وَفِي الْخُرُوجِ عَنْ الصَّفِّ لِلْمُبَارَزَةِ خِلَافٌ عَلَى قوليْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ، وَطَلَبًا لِلشَّهَادَةِ، وَتَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ.
وَقال أَصْحَابُنَا: لَا يَبْرُزُ أَحَدٌ طَالِبًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ رِيَاءً وَخُرُوجًا إلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُبَارَزَةُ إذَا طَلَبَهَا الْكَافِرُ، كَمَا كَانَتْ فِي حُرُوبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ السَّلَفُ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة الصف:
{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقولوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}
قوله: {كَبُرَ مَقْتًا}: فيه أوجهٌ، أحدها: أَنْ يكونَ مِنْ باب نِعْم وبِئْسَ، فيكون في {كَبُرَ} ضميرٌ مبهمٌ مفسَّرٌ بالنكرة بعدَه. {وأَنْ تقولوا} هو المخصوصُ بالذمِّ فيجيء فيه الخلافُ المشهورُ: هل رَفْعُه بالابتداء، وخبرُه الجملة مقدمةً عليه، أو خبرُه محذوفٌ، أو هو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، كما تقدَّم تحريرُه. هذه قاعدةٌ مُطَّردةٌ: كلُّ فعلٍ يجوز التعجبُ منه يجوزُ أَنْ يُبْنَى على فَعُلَ بضم العين ويَجْري مَجْرى نِعْم وبئس في جميعِ الأحكام. والثاني: أنه من أمثلةِ التعجبِ. وقد عدَّه ابنُ عصفور في التعجبِ المبوبِ له في النحو فقال: (صيغة ما أفْعَلَه وأَفْعِلْ به ولَفَعُل نحو: لَرَمُوَ الرجل). وإليه نحا الزمخشري فقال: هذا مِنْ أفصحِ كلامٍ وأبلغِه في معناه. قَصَدَ في {كَبُرَ} التعجَب من غير لفظه كقوله:
........................... ** غلَتْ نابٌ كُلَيْبٌ بَواؤُها

ثم قال: وأَسْند إلى {أَنْ تقولوا} ونَصَبَ {مَقْتًا} على تفسيره دلالةً على أنَّ قولهم ما لا يفعلون مَقْتٌ خالِصٌ لا شَوْبَ فيه. الثالث: أنَّ كَبُرَ ليس للتعجبِ ولا للذَّمِّ، بل هو مُسْنَدٌ إلى {أَنْ تقولوا} و{مَقْتًا} تمييزٌ محولٌ من الفاعلية، والأصل: كَبُرَ مَقْتُ أَنْ يقولوا أي: مَقْتُ قولكم. ويجوز أن يكونَ الفاعلُ مضمرًا عائدًا على المصدرِ المفهومِ مِنْ قوله: {لِم تقولونَ} أي: كَبُر هو أي: القول مَقْتًا، و{أَنْ تقولوا} على هذا: إما بدلٌ من ذلك الضميرِ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو أن تقولوا. وقرأ زيد بن علي {يُقاتَلون} بفتح التاءِ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه. وقرئ: {يُقَتَّلون} بالتشديد.
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}
قوله: {صَفًّا}: نصبٌ على الحال أي: صافِّين، أو مَصْفُوفين.
قوله: {كَأَنَّهُم} يجوزَ أَنْ يكونَ حالًا ثانيةً مِنْ فاعل {يُقاتِلون}، وأنْ يكونَ حالًا من الضمير في {صَفًّا}، فتكونَ حالًا متداخلةً، قاله الزمخشريُّ، وأن يكونَ نعتًا لصَفًَّا، قاله الحوفيُّ: وعاد الضميرُ على {صَفًّا} جمعًا لأنه جمعٌ في المعنى كقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات: 9] والمَرْصُوصُ قيل: المتلائمُ الأجزاءِ المُسْتَويها. وقيل: المعقود بالرَّصاص. وقيل: هو من التضامِّ، مِنْ تراصِّ الأسنان. وقال الراعي:
ما لَقِيَ البيضُ من الحُرْقوصِ ** يَفْتَحُ بابَ المُغْلَقِ المَرْصوصِ

الحُرْقوص: دُوَيِبَّةٌ تُولَعُ بالنساءِ الأَبْكار.
{وَإِذْ قال مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)}
قوله: و{وَقَد تَّعْلَمُونَ}: جملة حالية.
{وَإِذْ قال عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قالوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}
قوله: {مُّصَدِّقًا}: حالٌ وكذلك {مُبَشِّرًا} والعاملُ {رسول} لأنَّه بمعنى المُرْسَل. قال الزمخشري: فإنْ قلتَ بِمَ انتصَبَ {مُصَدِّقًا} {مُبَشِّرًا}، أبما في الرسول مِنْ معنى الإِرسال أم بإليكم؟ قلت: بمعنى الإِرسال؛ لأنَّ {إليكم} صلةٌ للرسول، فلا يجوزُ أن تعملَ شيئًا، لأنَّ حروفَ الجرِّ لا تعملُ بأنفسِها، ولكنْ بما فيها مِنْ معنى الفعل، فإذا وقعَتْ صِلاتٍ لم تتضمَّنْ معنى فعلٍ فمِنْ أين تعملُ. انتهى. يعني بقوله: (صلات) أنها متعلقةٌ برسول صلةً له، أي: متصلٌ معناها به، لا الصلةُ الصناعيةُ. و{يأتي مِنْ بعدي} و{اسمُه أحمدُ} جملتان في موضعِ جرٍّ نعتًا لرسول أو {اسمُه أحمدُ} في موضعِ نصبٍ على الحالِ مِنْ فاعل {يَأْتي} أو تكونُ الأولى نعتًا، والثانيةُ حالًا. وكونُهما حالَيْن ضعْيفٌ لإِتيانِهما من النكرة، وإنْ كان سيبويه يُجَوِّزه. و{أحمدُ} يَحْتمل النقلَ من الفعل المضارع، أو من أفعلِ التفضيل، والظاهرُ الثاني، وعلى كلا الوجهَين فمنعُه من الصَرفِ للعلميةِ والوزنِ الغالبِ، إلاَّ أنه على الأول يمتنعُ معرفةً وينصرف نكرةً، وعلى الثاني يمتنع تعريفًا وتنكيرًا، لأنه تَخْلُفُ العلميةَ الصفةُ. وإذا نُكِّر بعد كونِه عَلَمًا جَرى فيه خلافُ سيبويه والأخفشِ، وهي مسألةٌ مشهورة بين النحاة. وأنشد حسان رضي الله عنه يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وصَرَفَه:
صلَّى الإِلهُ ومَنْ يَحُفُّ بعرشِه ** والطيبونَ على المباركِ أحمدِ

{أحمد} بدل أو بيان للمبارك.
قوله: {هذا سِحْرٌ} قد تقدَّم خلافُ القراء فيها في المائدة.
وقال الشيخ هنا: وقرأ الجمهور {سِحْرٌ} وعبد الله وطلحة والأعمش وابن وثاب {ساحر}، وترك ذِكْرَ الأخوَيْن.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)}
قوله: {وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام}: جملة حاليةٌ مِنْ فاعلِ {افترى}، وهذه قراءة العامَّةِ. وقرأ طلحة {يَدَّعي} بفتح الياء والدال مشددة مبنيًا للفاعل، وفيها تأويلان، أحدهما قاله الزمخشري وهو أن يكونَ يَفْتَعِل بمعنى يَفْعَلُ نحو: لَمَسَه والتمَسه. والضميران أعني {هو} والمستتر في {يَدَّعي} لله تعالى، وحينئذٍ تكون القراءتان بمعنى واحدٍ، كأنَّه قيل: واللَّهُ يدعو إلى الإِسلام. وفي القراءة الأولى يكون الضميران عائدَيْن على {مَنْ}. والثاني: أنه مِنْ ادَّعى كذا دَعْوَى، ولكنه لَمَّا ضُمِّن {يَدَّعي} معنى يَنْتَمي وينتسبُ عُدِّي بـ: {إلى} وإلاَّ فهو متعدٍّ بنفسه، وعلى هذا الوجهِ فالضميران لـ: {مَنْ} أيضًا، كما هي في القراءة المشهورة.
وعن طلحة أيضًا {يُدَّعى} مشددَ الدال مبنيًا للمفعولِ. وخَرَّجَها الزمخشريُّ على ما تقدَّم مِنْ: ادَّعاه ودَعاه بمعنىً نحو: لَمَسه والتمسه. والضميران عائدان على {مَنْ} عكسَ ما تقدَّم عنده في تخريج القراءة الأولى فإنَّ الضميرَيْن لله تعالى، كما تقدَّم تحريرُه.
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)}
قوله: {لِيُطْفِئُواْ}: في هذه اللامِ أوجهٌ، أحدُها: أنها مزيدةٌ في مفعولِ الإِرادةِ. قال الزمخشريُّ: أصلُه: يُريدون أَنْ يُطْفِئوا، كما جاء في سورة التوبة. وكأنَّ هذه اللامَ زِيْدَتْ مع فعل الإِرادة توكيدًا له لِما فيها من معنى الإِرادة في قولك: (جِئتُ لأكرمَك) كما زِيْدَت اللامُ في (لا أبالك) تأكيدًا لمعنى الإِضافةِ في (لا أباك). وقال ابن عطية: واللامُ في {لِيُطْفِئوا} لامٌ مؤكِّدة دخلَتْ على المفعول لأنَّ التقديرَ: يُريدون أَنْ يُطْفئوا. وأكثر ما تَلْزَمُ هذه اللامُ المفعولَ إذا تقدَّمَ. تقول: (لزيدٍ ضَرَبْتُ، ولِرؤيتِك قصَدْتُ) انتهى. وهذا ليس مذهبَ سيبويه وجمهورِ الناس. ثم قول أبي محمد: (وأكثرُ ما تَلْزَمُ) إلى آخره ليس بظاهرٍ لأنه لا قول بلزومِها البتةَ، بل هي جائزةُ الزيادةِ، وليس الأكثرُ أيضًا زيادتَها جوازًا، بل الأكثرُ عَدَمُها.
الثاني: أنَّها لامُ العلة والمفعولُ محذوفٌ أي: يُريدون إبطالَ القرآن أو دَفْعَ الإِسلام أو هلاكَ الرسولِ عليه السلام لِيُطْفِئوا.
الثالث: أنها بمعنى (أَنْ) الناصبةِ، وأنها ناصبةٌ للفعل بنفسِها. قال الفراء: العربُ تجعلُ لامَ كي في موضع (أَنْ) في أرادَ وأمر. وإليه ذهب الكسائيٌّ أيضًا. وقد تقدَّم لك نحوٌ مِنْ هذا في قوله: {يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} في سورة النساء [الآية: 26].
قوله: {مُتِمُّ نُورِهِ} قرأ الأخَوان وحفص وابن كثير بإضافة {مُتِمُّ} لـ: {نورِه} والباقون بتنوينه ونصبِ {نورَه} فالإِضافةُ تخفيفٌ، والتنوينُ هو الأصلُ. والشيخُ ينازعُ في كونِه الأصلَ وقد تقدَّم. وقوله: {واللَّهُ متمُّ} جملة حالية مِنْ فاعلِ {يريدون} أو {يُطفئوا} وقوله: {ولو كَرِه} حالٌ من هذه الحالِ فهما متداخلان. وجوابُ {لو} محذوفٌ أي: أتَمَّه وأظهرَه، وكذلك {وَلَوْ كَرِهَ الكافرون}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)}
قوله: {تُنجِيكُم}: الجملة صفةٌ لـ: {تجارة}. وقرأ ابن عامر {تُنْجِّيكم} بالتشديد. والباقون بالتخفيف. مِنْ أَنْجى، وهما بمعنىً واحدٍ؛ لأن التضعيفَ والهمزةَ مُعَدِّيان.
{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)}
قوله: {تُؤْمِنُونَ}: لا محلَّ له لأنه تفسير لتجارة. ويجوز أَنْ يكونَ محلُّها الرفعَ خبرًا لمبتدأ مضمرٍ أي: تلك التجارةُ تؤُمنون، والخبرُ نفسُ المبتدأ فلا حاجةَ إلى رابطٍ، وأَنْ تكونَ منصوبةَ المحلِّ بإضمارِ فعلٍ أي: أعني تؤْمنون. وجاز ذلك على تقديرِ (أَنْ) وفيه تَعَسُّفٌ. والعامَّةٌ على {تُؤْمنون} خبرًا لفظًا ثابتَ النون. وعبد الله {آمِنوا} و{جاهِدوا} أمرَيْن. وزيد بن علي {تؤمنوا} و{تجاهِدوا} بحذف نونِ الرفع. فأمَّا قراءة العامَّة فالخبرُ بمعنى الأمرِ يَدُلُّ عليه القراءتان الشاذَّتان؛ فإن قراءة زيدِ بنِ علي على حَذْفِ لام الأمر أي: لِتؤمنوا ولتجاهِدوا كقوله:
محمدُ تَفْدِ نَفْسَك كلُّ نفسٍ

وقوله: {قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ} [إبراهيم: 31] في وجهٍ أي: لِتَفْدِ، وليقيموا، ولذلك جُزِمَ الفعلُ في جوابِه في قوله: {يَغْفِرْ} وكذلك قولهم: (اتقى اللَّهَ امرؤ فَعَلَ خيرًا يُثَبْ عليه) تقديرُه: ليتقِ اللهَ. وقال الأخفش: إنَّ {تؤمنون} عطفُ بيان لتجارة. وهذا لا يُتَخَيَّلُ إلاَّ بتأويل أن يكونَ الأصلُ: أنْ تؤمنوا فلمَّا حَذَفَ (أن) ارتفع الفعلُ كقوله:
ألا أيُّهذا الزَّاجِريْ أَحْضُرُ الوغَى

الأصل: أن أَحْضُرَ. وكأنه قيل: هل أدلُّكم على تجارة مُنْجية: إيمانٍ وجهاد. وهو معنى حسنٌ لولا ما فيه من التأويل. وعلى هذا فيجوزُ أَنْ يكونَ بدلًا مِنْ تجارة. وقال الفراء: هو مجزومٌ على جوابِ الاستفهام وهو قوله: {هل أدلُّكم} واختلف الناسُ في تصحيح هذا القول: فبعضُهم غلَّطه. قال الزجاج: ليسُوا إذا دَلَّهم على ما ينفعهم يَغْفِرُ لهم، إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا. يعني أنه ليس مرتَّبًا على مجرد الاستفهام ولا على مجرَّدِ الدلالة. وقال المهدوي: إنما يَصِحُّ حَمْلًا على المعنى: وهو أَنْ يكونَ {يؤمنون} و{يُجاهدون} عطفَ بيان على قوله: {هل أدلُّكم} كأنَّ التجارةَ لم يُدْرَ ما هي؟ فبُيِّنَتْ بالإِيمان والجهاد، فهي هما في المعنى فكأنه قيل: هل تُؤْمنون وتجاهدون؟ قال: فإنْ لم تقدِّر هذا التقديرَ لم يَصِحَّ؛ لأنه يَصيرُ: إنْ دُلِلْتُمْ يَغْفِرْ لكم. والغُفْرانُ إنما يجبُ بالقَبولِ والإِيمانِ لا بالدَّلالةِ. وقال الزمخشري قريبًا منه أيضًا. وقال أيضًا: إنَّ {تُؤْمنون} استئنافٌ، كأنهم قالوا: كيف نعملُ؟ فقال: {تؤْمنون}. وقال ابن عطية: {تُؤْمنون} فعلٌ مرفوعٌ، تقديرُه: ذلك أنَّه {تُؤْمنون}، فجعله خبرًا لـ: (أَنَّ)، وهي وما في حَيِّزها خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ. وهذا محمولٌ على تفسيرِ المعنى لا تفسيرِ الإِعرابِ، فإنَّه لا حاجةَ إليه.
{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قوله: {يَغْفِرْ}: فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مجزومٌ على جوابِ الخبرِ بمعنى الأمر، كما تقدَّم تقريرُه. والثاني: أنه مجزومٌ على جواب الاستفهامِ، كما قاله الفراءُ، وتقدَّم تأويلُه. الثالث: أنه مجزومٌ بشرطٍ مقدَّرٍ أي: إنْ تُؤْمنوا يَغْفِرْ لكم.
{وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}
قوله: {وأخرى}: فيها خمسةُ أوجهٍ، أحدُها، أنَّها في موضِع رفعٍ على الابتداءِ، وخبرُها مقدَّر أي: ولكم أو ثَمَّ، أو عنده خَصْلَةٌ أخرى، أو مَثُوْبةٌ أخرى. و{تُحبُّونها} نعتٌ لها. الثاني: أن الخبرَ جملة حُذِفَ مبتدَؤُها تقديرُه: هي نصرٌ، والجملة خبرُ {أُخْرى}، قاله أبو البقاء، وفيه بُعْدٌ كثيرٌ؛ لأنه تقديرٌ لا حاجةَ إليه. والثالث: أنها منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ للدلالةِ عليه بالسِّياق، أي ويُعْطِكُمْ، أو يَمْنَحْكم مَثوبةً أخرى. و{تُحبونها} نعتٌ لها أيضًا.
والرابع: أنها منصوبةٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره {تُحبُّونها} فيكونُ من الاشتغالِ، وحينئذٍ لا يكون {تُحِبُّونها} نعتًا؛ لأنه مفسِّرٌ للعاملِ قبله. الخامس: أنها مجرورةٌ عطفًا على {تجارة}. وضُعِّفَ هذا: بأنها ليسَتْ مِمَّا دَلَّ عليه، إنما هي ثوابٌ مِنْ عندِ الله. وهذا الوجهُ منقول عن الأخفش.
قوله: {نَصْرٌ مِّن الله} خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: تلك النعمةُ أو الخَلَّةُ الأُخْرى {نَصْرٌ}. و{من الله} نعتٌ له، أو متعلِّقٌ به، أي: ابتداؤه منه. ورَفْعُ {نصرٌ} و{فَتْحٌ} قراءة العامَّةِ، ونَصَبَ ابنُ أبي عبلةَ الثلاثةَ. وفيه أوجهٌ، ذكرها الزمخشريُّ، أحدُها: أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ. الثاني: أن ينتصِبْنَ على المصدريَّة أي: يُنْصَرون نَصْرًا، ويُفتح لهم فتحًا قريبًا. الثالث: أن ينتَصِبْنَ على البدلِ مِنْ {أُخْرى} و{أُخْرى} منصوبٌ بمقدَّرٍ كما تقدَّم أي: {يَغْفِرْ لكم}، و{يُدْخِلْكم جناتٍ}، و{يؤْتِكم} {أُخْرى}، ثم أبدل منها {نَصْرًا} و{فَتْحًا قريبًا}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قال عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قال الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)}
قوله: {أَنصَارَ الله}: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {أنصارًا} منونًا، {لله} جارًَّا ومجرورًا. والباقون {أنصارَ} غيرَ منونٍ بل مضافًا للجلالة الكريمة، والرسمُ يحتمل القراءتَيْن معًا. واللامُ يُحتمل أَنْ تكونَ مزيدةً في المفعولِ للتقوية لكونِ العاملِ فَرْعًا، إذ الأصلُ: أنصارًا اللَّهَ، وأَنْ تكون غيرَ مزيدةٍ، ويكونَ الجارُّ والمجرورُ نعتًا لـ: {أَنْصارًا} والأولُ أظهرُ. وأمَّا قراءة الإِضافةِ ففرعُ الأصلِ المذكورِ. ويؤيِّدُ قراءة الإِضافةِ الإِجماعُ عليها في قوله: {نَحْنُ أَنصَارُ الله}. ولم يُتَصَوَّرْ جَرَيانُ الخلافِ هنا لأنه مرسومٌ بالألفِ.
قوله: {كَمَا قال عِيسَى} فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ الكافَ في موضع نصبٍ على إضمارِ القول أي: قُلْنا لهم ذلك، كما قال عيسى. الثاني: أنها نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ تقديرُه: كونوا كَوْنًا، قاله مكي وفيه نظرٌ؛ إذ لا يُؤْمَرُون بأن يكونوا كَوْنًا. الثالث: أنه كلامٌ محمولٌ على معناه دون لفظِه، وإليه نحا الزمخشريُّ، فإنه قال: فإنْ قلتَ ما وجهُ صحةِ التشبيهِ، وظاهرُه تشبيهُ كونِهم أنصارًا بقول عيسى صلوات الله عليه {مَنْ أنصاري}؟ قلت: التشبيهُ محمولٌ على المعنى، وعليه يَصِحُّ، والمرادُ: كونوا أنصارَ الله كما كان الحواريُّون أنصارَ عيسى. حين قال لهم: {مَنْ أنصاري إِلَى الله}.
وتقدَّم في آل عمران تَعَدِّي {أَنْصَاري} بـ: {إلى}، واختلافُ الناسِ في ذلك. وقال الزمخشري هنا: فإنْ قلتَ: ما معنى قوله: {مَنْ أنصاري إِلَى الله} قلت: يجبُ أَنْ يكونَ معناه مطابقًا لجوابِ الحواريين: نحن أنصارُ الله. والذي يطابِقُه أَنْ يكونَ المعنى: مَنْ جُنْدِيٌّ متوجِّهًا إلى نصرةِ الله؟ وإضافةُ {أَنْصاري} خلافُ إضافةِ {أنصار الله}؛ فإنَّ معنى {نحن أنصارُ الله}: نحن الذين يَنْصُرون الله، ومعنى {مَنْ أنصاري}: مَنْ الأنصارُ الذين يختصُّون بي، ويكونون معي في نُصْرَةِ اللَّهِ. ولا يَصِحُّ أَنْ يكونَ معناه مَنْ يَنْصُرني مع الله؛ لأنه لا يطابِقُ الجوابَ. والدليل عليه قراءة مَنْ قرأ {أنصارَ الله} انتهى.
قلت: يعني أنَّ بعضَهم يَدَّعي أنَّ {إلى} بمعنى مع أي: مَنْ أنصاري مع الله؟ وقوله: قراءة مَنْ قرأ {أنصارَ الله} أي: لو كانت بمعنى {مع} لَما صَحَّ سُقوطُها في هذه القراءة. وهذا غيرُ لازمٍ؛ لأنَّ كلَّ قراءة لها معنىً يَخُصُّها، إلاَّ أن الأَوْلَى توافُقُ القراءتَيْن.
قوله: {فَأَيَّدْنَا الذين آمَنُواْ على عَدُوِّهِمْ} مِنْ إيقاع الظاهرِ موقعَ المضمرِ فيهما، تَنْبيهًا على عداوةِ الكافرِ للمؤمن؛ إذ الأصلُ: فأيَّدْناهم عليهم، أي: أيَّدْنا المؤمنين على الكافرين من الطائفتَيْن المذكورتَيْن. اهـ.